غسل للمرأة
ما یوجب الغسل للمرأة
الطهارة فی اللغة هی النظافة والنزاهة، وأما فی الشرع فهی نوعین : طهارة معنویة، وطهارة حسیة. الطهارة المعنویة هی طهارة
القلوب من الشرک والبدع فی عبادة الله، ومن الغل، والحقد، والحسد، والبغضاء، والکراهة، أما الطهارة الحسیة فهی طهارة البدن،
وتکون على نوعین؛ الأول هو إزالة وصف یمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة، وتکون الطهارة هنا برفع الحدث الأصغر
والأکبر، وذلک بغسل الأعضاء الأربعة فی الحدث الأصغر ، وغسل جمیع البدن فی الحدث الأکبر (نزول المنی، أو الجماع، أو
الحیض، أو النفاس، أو الولادة، او الموت)، إما بالماء لمن قدر علیه، وإما بالتیمم لمن لم یقدر على الماء. أما النوع الثانی فهو الطهارة
من الخبث (النجاسة) أی بإزالته، وهی کل عین أوجب الشرع على العباد أن یتنزهوا منها ویتطهروا منها، کالبول والغائط ونحوهما مما
دلت الأدلة الشرعیة على نجاسته. أما الغسل فیکون بأن یغتسل الشخص کما اغتسل النبی صلى الله علیه وسلم، فقد کان إذا اغتسل من
الجنابة بدأ بغسل کفیه ثم غسل فرجه ثم غسل ما تلوث من الجنابة، ثم یتوضأ وضوءا کاملا، ثم یغسل رأسه بالماء ثلاثا، ثم یغسل باقی
بدنه فلا یترک جزءا من جسمه إلا وصله الماء.
أما موحبات الغسل الخاصة بالمرأة وحدها فهی ثلاثا: الحیض والنفاس والولادة. وأما ما تشترک به المرأة مع الرجل من موجبات الغسل
فهی ثلاث أیضا: الجماع أو إنزال المنی أو الموت.
أنواع موجبات الغسل الخاصة بالمرأة وحدها:
1-الحیض:
وهو نزول الدم من رحم المرأة فی أیام معینة کل شهر عبر المهبل (الدورة الشهریة). ودلیل مشروعیة هذا الغسل فی القرآن
الکریم قوله تعالى: "(وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْمَحِیضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِی الْمَحِیضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى یَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ
مِنْ حَیْثُ أَمَرَکُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَیُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ، نِسَاؤُکُمْ حَرْثٌ لَکُمْ فَأْتُوا حَرْثَکُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِکُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا
أَنَّکُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ" سورة البقرة الآیة 222-223. و(الْمَحِیضِ) هو مکان الحیض أی الفرج، حـیـث أن السـؤال کان عن
مباشرة النساء أیام الحیض، فأمر الله سبحانه باعتزالهن بالنسبة للجماع ولیس باعتزالهن فی غیر ذلک. ویکون هذا الإعتزال فی الجماع
فقط حتى ینقطع الدم وتغتسل المرأة بنیة الطهارة من الحدث.
2-النفاس:
وهو الدم الخارج عقب الولادة ویستمر عند أغلب النساء لمدة أربعین یوما. ودلیل مشروعیته هی نفس الآیة الکریمة السابقة؛
حیث أن الحیض معناه نزول الدم، واتفق العلماء على أن النفاس کالحیض فی جمیع ما یحل ویحرم ویکره ویندب. قال الإمام الشافعی:
"وتغتسل الحائض إذا طهرت، والنفساء إذا انقطع دمها".
3-الولادة:
إذا ولدت المرأة سواء ولادة طبیعیة أو ولادة قیسریة، أو أجهضت بعلقة (بعد مرور أربعین یوما على تلقیح البویضة) أو مضغة
(بعد مرور ثمانین یوما على تلقیح البویضة) فیجب علیها الغسل حتى إن لم تنفس (أی ینزل دم النفاس).
أنواع موجبات الغسل المشترکة بین المرأة والرجل:
4-الجماع:
فیجب فیه الغسل على اختلاف الحالات؛ نوم أو نسیان أو إکراه، ولو حتى کان بدون إنزال. ودلیل ذلک حدیث أبی هریرة عن
النبی صلى الله علیه وسلم قال: " إِذَا جَلَسَ بَیْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَیْهِ الْغُسْلُ " رواه البخاری (291) ومسلم (525)،
وفی روایة عائشة أم المؤمنین رضی الله عنها أن النبی علیه السلام قال: " إِذَا جَلَسَ بَیْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ ، فَقَدْ وَجَبَ
الْغُسْلُ"رواه مسلم (349) . ومعنى الحدیث هو إتمام الجماع ولیس مقدماته.
5-إنزال المنی:
ویکون فیه الغسل على اختلاف اسباب نزوله؛ بجماع أو احتلام أو استمناء أو نظر، سواء کان بشهوة أم لا، أو کان کثیرا
أو بضع قطرات. ولا یعرف منی المرأة إلا بالتلذذ أو رائحته أو فتور الشهوة عقب نزوله. والدلیل حدیث أم سلمة رضی الله عنها، قالت:
"جاءت أم سلیم إلى النبی علیه الصلاة والسلام فقالت " یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ یَسْتَحْیِی مِنْ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا
احْتَلَمَتْ؟" فقال رسول الله: "نعم، إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ". فقالت أم سلمة: "یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟" فقال رسول الله: "نَعَمْ تَرِبَتْ یداک
فَبِمَ یُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟" " مسلم ج1؟کتاب الحیض باب 7/ 32.
6-الموت:
وهو مفارقة الروح للجسد. والدلیل حدیث ابن عباس رضی الله عنهما قال: "أن رجلا کان مع النبی صلى الله علیه وسلم
فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله: "اغسلوه بماء وسدر" "، البخاری ج2/ کتاب الإحصار وجزاء الصید باب 32 /
1753.
مصدر : shatlat.blogspot